سمعت مقولة تقول (أن المر بأصغريه قلبه ولسانه).. فشجعني هذا على ابداء رأيي حول الموضوع كما طمعني في إمكانية سماعكم له…
ورأيي يتلخص في ان اطلاق هذا المصطلح اليوم فيه خطأين؛ الاول من حيث المعنى والمفهوم. والثاني وهو الأهم : خطأ استراتيجي بالنسبة للمعركة القائمة حيث يقدم خدمة للعدو وهي خدمة مكلفة لنا في الدماء والارواح والارض والإمكانات وحاضر بلدنا ومستقبلها وذلك بما سيتعكسه النتائج على الارض ؛ يمكن تلخيصه في انه يلغي الطابع الوطني للمعركة وهو الصحيح ؛ ويصبغها بالطابع الديني المذهبي وهو ما يريده العدو ويروج له من اول يوم . وهو ما يمكن عرضه غلى النحو التالي.
– اولا : الخطأ من حيث المعنى والمفهوم لمصطلح النفاق :
حيث نجد ان هذا يتضح وبورة واضحة من خلال تعريف النفاق لغة وإصطلاحا حيث نجد ان المجمع عليه من قبل كل اللغويين والفقهاء حول الموضوع هو:
*النفاق في اللغة:
هو مأخوذ من النفق، وهو السرب في الأرض الذي يستتر فيه؛ سمي النفاق بذلك؛ لأن المنافق يستر كفره ويغيبه.
وقيل إنه مأخوذ من نافقاء اليربوع، وهو باب جحره؛ لأنه في ظاهره أرض مستوية وباطنه حفرة قد أعدها اليربوع للتخلص من الخطر وقت الحاجة؛ فاستطاع بهذا الفعل أن يخدع الصياد؛ فكذلك المنافق يظهر خلاف ما يبطن) .
*النفاق في الاصطلاح:
هو إظهار الإسلام والخير، وإبطال الكفر والشر.
وهو مخالفة الباطن للظاهر، وإظهار القول باللسان، أو الفعل؛ بخلاف ما في القلب من الاعتقاد.
وهكذا يتضح من التعريف السابق ان النفاق هو جمع بين امرين احدهما ظاهر وآخر مخالف له خفي او باطن.
وعليه وبناء على التعريف السابق يصبح من الواضح انه -اذا سلمنا بضرورة استخدام هذا المصطلح فيما يتعلق بالعدوان – فإنه يكون صحيحا فقط في وصف الذين يظهرون في الصف الرافض للعدوان ويزعمون رفضهم له ولكنهم في باطنهم يقفون مع العدوان ؛ فهؤلاء هم من يظهرون خلاف ما يبطنون.
لكنه لا يصح اطلاقا ان يتم وصف من يقفون اليوم صراحة مع العدوان ويقاتلون في صفوفه الا في حالة واحدة وهو ان يكونوا يبطنون انهم ضد العدوان ؛ وهذا لا يمكن اطلاقا ان يتفق مع العقل والمنطق والواقع .
فالظهر هنا هو اعلان موقفهم مع العدوان والقتال الى جانبه .
وليس هناك من شيء يكون خلافا لهذا الظاهر ؛اي خلافا لإعلان الموقف مع العدوان والقتال الى جانبه الا الوقوف ضد العدوان والقتال ضده.
فالظاهر هو انهم يقفون مع العدوان ويعلنون ذلك صراحة ويخوضون المعارك الى جانبه صراحة؛ فما الذي يخفونه او يبطنونه؟
هل يمكن ان يكونوا ضد العدوان ويخفون ذلك وهم يرتكبون كل الجرائم في خدمته قتلا وذبحا وتدميرا وتمزيقا للمجتمع والارض ؟؟؟
*بإختصار.. ما هو الظاهر هنا وما هو الخفي؟ وبالتالي اين هو النفاق؟؟
– ثانيا : الخطأ الإستراتيجي :
ان اطلاق هذا المصطلح اليوم من شأنه إلغاء الطابع الوطني لمقاومة العدوان وصبغه بالطابع الديني وهذا الأمر هو ما حرص العدو منذ بداية عدوانه على الترويج له وذلك بهدف تغطية دوافعه العدوانية الحقيرة ضد اليمن واليمنيين .حيث عمد من اللحظة الاولى ولا زال على تصوير عدوانه على انه حربا دينية ذات طابع مذهبي تستهدف فقط فئة من اليمنيين وليس كل اليمنيين لما لذلك من اهداف مزدوجة متعلقة بكلا المعسكرين ؛معسكره (معسكر العدوان) حيث يهدف ذلك الى حشد المقاتليين والتأييد له داخل اليمن وخارجه .
وفي المقابل داخل المعسكر اليمني (المعسكر المقاوم للعدوان) حيث يهدف الى إلغاء الطابع الوطني لهذا المعسكر مما يؤدي الى تمزيقه واضعافه وحصره بفئة او طائفة معينة ومن ثم يسهل عليه تحقيقه..
ولقد كان رسوخ مفهوم الحرب الوطنية وعدم التسهو صخرة الصمود العصية التي تكسرت عليها كل محاولات العدوان.
وهو ما كان يدركه العدو وحلفائه ودوائر الاستخبارات منذ اللحظة الاولى مولدا لديهم يقينا تاما بأن مفهوم الحرب الوطنية في المعسكر اليمني هي السلاح الأخطر الذي سيواجه كل مخططاته ويُفشل كل محاولاته التي ستظل تفشل كلما بقي هذا المفهوم هو السائد في هذا المعسكر وبأن كل الضربات التي سيوجهونها الى هذا المعسكر ستذهب سدى ما لم يتم توجيه ضربة لهذا المفهوم.
ولذلك عملوا منذ اللحظة الاولى على ضرب هذا المفهوم فكان ان لجأوا الى الحقل الديني ليلتقطوا منه معول الطائفية والمذهبية ولكنهم فشلوا في ذلك ؛ ولكن سبب الفشل هو ان الطائفية والمذهبية لا يمكن ان تتحقق بوجود طرف او معسكر واحد فقط يدعي المذهبية والطائفية وانما يتطلب ذلك بالضرورة وجود طرف او معسكر آخر يشاطره ذلك. فحيث ظل المعسكر اليمني متمسكا بالطابع الوطني.
وعليه:
فإن الخطاب الديني اليوم ؛بالإضافة الى كل ما سبق؛حين يبرز من المعسكر اليمني فإنه يزيف ايضا حقيقة المعركة التي هي معركة يمنية ضد العدو السعودي كونه يستهدف بعدوانه كل اليمن ارضا وانسانا , تاريخا وحاضرا ومستقبلا ؛ويزيف حقيقة انه العدو التاريخي لليمن واليمنيين وان هذا العدوان ما هو الا حلقة من سلسلة المؤامرات التاريخية على اليمن وهي الحقيقة التي تكرست في وعي كل اليمنيين ومنحتهم هذا الصمود الذي قادهم الى قناعة خوض معركة فاصلة مع هذا العدو تنهي كل المعارك.
وهذا ما يؤكده الواقع اليوم ويحذر من ظهور الخطاب الديني وغلبته على الطابع الوطني في المعسكر اليمني.حيث ان نتائجه ستكون خدمة للعدو لم يكن يحلم بها ودون تحمل كلفتها وانما الكلفة ستكون باهضة على حساب اليمن واليمنيين ارضا وانسانا وحاضرا ومستقبلا..
فأفيقوا يا اصحاب هذا المصطلح يرحمكم الله …ويشكركم شعبكم